السبت، 21 مارس 2015

امكانية تشكل الجن والشياطين والأدلة على ذلك

الحمدلله وكفى .. وصلاة وسلاما على نبي الله المصطفى -صلى الله عليه وسلم-

وصلني سؤال بخصوص الشياطين والجن وتشكلهم وطريقة ذلك ، فأضع بين أيديكم بحثاً مفصلاً عن ذلك :

قبل البحث في جزئيات هذا الموضوع أقدم تعريفاً للجن ذكره الشيخ السيد سابق – رحمه الله تعالى حيث يقول :

( الجن نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان ، ولكنهم مجردون عن المادة البشرية ، مستترون عن الحواس ، لا يرون على طبيعتهم ، ولا بصورتهم الحقيقية ، ولهم قدرة على التشكل ) ( العقائد الإسلامية – ص 133 )


وقد قدمت تعريفاً شاملاً مفصلاً عن الجن في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) حيث قلت :

( الجن : نوع من المخلوقات ذات أجسام وأرواح ، وهي عاقلة مدركة مريدة مكلفة على نحو ما عليه الإنسان ، خلقوا من مادة أصلهـا مارج النار وهو خالصه وأحسنه ، وطبيعة خلقتهم لها ماهية لا يعلم كنهها وكيفيتها إلا الله ، مستترون عن الحواس في أصل خلقتهم ، لا يرون على طبيعتهم ولا بصورتهم الحقيقية ولهم قدرة على التمثل وعلى التشكل ، يأكلون ويشربون ويتناكحون ويتناسلون وهم محاسبون على أعمالهم في الآخرة وأجسام الجن قد تكون كثيفة وقد تكون رقيقة وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة ، ولعالم الجن ناموسهم أي قانونهم ونظامهم الذي يعيشون ويموتون ويتنقلون بموجبه )

ومن خلال التعريفات السابقة يتبين أن الجن والشياطين يستطيعون التشكل بطرق متنوعة ومختلفة كالقطط والكلاب والحيات ونحوه ، كما سوف يرد التفصيل في ذلك

قال الأستاذ وائل آل درويش : ( لعل من الأمور التي ينبغي معرفتها هي الأعراض التي قد تصيب الإنسان إذا تعرض لمثل هذه الأرواح ، ولكن ليعلم أن الأمر ليس على إطلاقه ، فليس كل من أحس بعرض أو اثنين يقول أنه قد أصيب بهذا الأمر ، ولكني أعني بهذه الأعراض المستمرة منها التي تصاحب الإنسان كثيرا وكثيرا )


فمنها رؤية الحيوانات المتوحشة المفترسة في المنام وهي تطارد ذلك الإنسان وقد تحاول اللحاق به وهو يفر منها وقد تدركه وتضربه ، وقد تظهر له بأشكال مخيفة ومظاهر مريبة ، ومن هذه الحيوانات القط والفأر والكلب والثعلب والأسد ، وكثيرا ما يكون الثعبان ، وهذا كثيرا مشاهد لدى المعالِجين بالقرآن ، ومنها المداومة على الأحلام المفزعة ، ومنها القرض على الأنياب وربما الضحك أو البكاء وكثرة الكلام في المنام أو التأوه ، ومنها أن يرى نفسه طائرا في الهواء وماشيا على الماء وموجودا في المزابل أو المقابر أو مساكن الجن 0 ومنها بعض الأمراض التي يعجز الطب عن علاجها كالصداع ما لم يكن له سبب عضوي ، ومنها قلة الطاعة والنفور من القرآن والذكر وطاعة الرحمن 0 ومنها وهو الكثير الشائع الصرع الذي عجز الطب عن علاجه 0 وهناك أمور أخرى كثيرة تعرف لدى المتمرسين في هذا الأمر لا يتسع المقام لذكرها

أرجع فأذكر بأن بعض هذه الأعراض قد تكون من تحزين الشيطان وليس لها صلة بهذه الأمراض من مس الجان ، أما إذا تكررت وداومت على صاحبها فلينظر في أمره ) ( منة الرحمن في العلاج بالقرآن – ص 30 )

وقد يعجب الكثير من ذلك وحقيقة التشكل الخاص بالجن والشياطين ، ويتلاشى العجب إذا تفكرنا بحديث الشيطان الذي أتى أبا هريرة - رضي الله عنه - ليسرق من أموال صدقة الفطر ، والقصة معروفة لديكم ، فالجن لهم تلك الخاصية في التمثل بالإنسان والحيوان والطيور وغيرها كما أسلفنا آنفاً .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها ، وفي صور الإبل والبقر والغنم ، والخيل والبغال والحمير ، وفي صور الطير ، وفي صور بني آدم ، كما أتى الشيطان قريشا في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر ، قال تعالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) " سورة الأنفال – الآية 48 " ( مجموع الفتاوى – 19 / 44 ، 45 )

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وإن الجن يأكلون من طعام الإنس ، وإنهم يظهرون للإنس لكن بالشرط المذكور – أي قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته وإنهم يتكلمون بكلام الإنس ، وإنهم يسرقون ويخدعون ) ( فتح الباري – 4 / 489 )

وروى أبو نعيم عن الأحنف بن قيس ، عن علي بن أبي طالب ، قال : والله ، لقد قاتل عمار بن ياسر الجن والإنس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : هذا الإنس قد قاتل ، فكيف الجن ؟! فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال لعمار : انطلق فاستق لنا من الماء فانطلق ، فعرض له شيطان في صورة عبد أسود ، فحال بينه وبين الماء فأخذه فصرعه عمار ، فقال له : دعني وأخلي بينك وبين الماء ففعل ثم أبى ، فأخذه عمار الثانية فصرعه، فقال له : دعني وأخلي بينك وبين الماء فتركه ، فأبى ، فصرعه ، فقال له مثل ذلك فتركه فوفى له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد حال بين عمار وبين الماء ، في صورة عبد أسود ، وإن الله أظفر عمارا به 0 قال علي : فلقينا عمارا فقلت : ظفرت يداك يا أبا اليقظان ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كذا وكذا ، قال : أما والله لو شعرت أنه الشيطان لقتلته ، ولقد هممت أن أعض بأنفه ، لولا نتن ريحه

وقد أشار ابن حجر إلى وجود هذا الحديث في ( طبقات ابن سعد ) حيث فقال : ذكر ابن سعد في ( الطبقات ) من طريق الحسن قال : قال عمار : نزلت منزلا فأخذت قربتي ودلوي لأستقي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سيأتيك من يمنعك من الماء ، فلما كنت على رأس الماء ، إذا رجل أسود كأنه مرس فصرعته ، فذكر الحديث ، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ذاك الشيطان ) ( فتح الباري – 14 / 240 )

قال السيوطي : ( وقال القاضي أبو يعلي : ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم ، والانتقال في الصور ، وإنما يجوز أن يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الأفعال ، فإذا فعله وتكلم به نقله الله من صوت إلى صوت 0 فيقال أنه قادر على التصوير والتخييل ، على معنى أنه قادر على قول إذا قاله ، وفعله ، وتكلم به نقله الله من صورة إلى صورة أخرى بجري العادة 0 وأما إذا تصور نفسه فذلك محال ، لأن انتقالها من صورة إلى صورة إنما يكون بنقض البنية وتفريق الأجزاء ، وإذا انتقلت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة 0 فكيف تنقل نفسها ؟ ) ( لقط المرجان في أحكام الجان – ص 40 ، 41 )

قال الحلبي : ( ونوزع في قدرتهم على التشكل بأنه : يستلزم المشقة بشيء فإنه من رأى نحو ولده أو زوجته احتمل أنه جني يتشكل بذلك

ورد بأن الله تعالى تكفل لهذه الأمة بعصمتها عن أن يقع فيها ما يؤدي لمثل ذلك المترتب عليه الريبة في الدين ، فاستحال شرعا الاستلزام المذكور ) ( عقد المرجان فيما يتعلق بالجان – ص 42 )

قال الشبلي : ( وقال الزمخشري في ربيع الأبرار : تقول الأعراب : ربما نزلنا بجمع كثير ورأينا خياما وأناسا ثم فقدناهم من ساعتنا يعتقدون أنهم الجن وأن تلك خيامهم وقبابهم ) ( أحكام الجان – ص 40 ، 41 )

وقال – رحمه الله - : ( حدثنا غياث عن خصيف عن مجاهد قال : كان الشيطان لا يزال يتزين لي إذا قمت إلى الصلاة في صورة ابن عباس قال : فذكرت قول ابن عباس فجعلت عندي سكيناً فتزين لي فحملت عليه فطعنته فوقع ، وله وجبة فلم أره بعد ذلك ) ( أحكام الجان – الباب السادس في بيان تطور الجن وتشكلهم – ص 36 )

وقال أيضاً : ( ذكر العتبي أن ابن الزبير رأى رجلاً طوله شبران على بردعة رحله فقال : ما أنت ؟ قال : إزب 0 قال : وما إزب ؟ قال : رجل من الجن فضربه على رأسه بعود السوط حتى ناص – أي تأخر - أي هرب ) ( أحكام الجان – الباب السادس في بيان تطور الجن وتشكلهم – ص 36 )

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن إمكانية تصور وتشكل الجان في صور حيوانات وطيور ونحو ذلك ؟؟؟

فأجاب – حفظه الله - : ( نعم ، وذلك أن الجن خلقهم الله أرواحاً بلا أجساد تقوم بها ، فلذلك أعطاهم الله القدرة على التشكل والظهور في صور متعددة ، كما هو مشاهد ، فتارة يتكلمون ولا نراهم مع قربهم ، ولا ندري كيف خرجت تلك الحروف من أفواههم رغم أنا لا نرى اللسان ولا الشفتين ، وتارة نرى أحدهم في صورة رجل أو صورة امرأة أو صورة كلب أو صورة حماد أو نحو ذلك ، والله أعلم ) ( هداية الأنام إلى فتاوى الرقى للأئمة الأعلام – الجزء الثاني – تحت التأليف ) 0

قلت : مسألة أن الجن أرواح بلا أجساد فيها نظر ، وقد تم بحث المسألة مفصلة في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع )

يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله – تحت عنوان " هل الجن والشياطين يتشكلون ؟ : ( لا شك في أن الجن كالشياطين يتشكلون بأشكال مختلفة ، ويتلونون تلوناً كبيراً ، وهذا مما دل عليه دليل السمع ، والمشاهدة 0 وهو من الممكنات الجائزة عقلاً ، إذ تصور وجودها لا يوجب تناقضاً عقلياً أبداً – ثم ساق – حفظه الله – من الأخبار الدالة على تشكل الجان بأشكال متعددة ) ( عقيدة المؤمن – ص 223 )

وقال أيضاً : ( على إثر تقريرنا أن الجن والشياطين يتشكلون ، كما تتشكل الملائكة ننبه إلى أنه لم يثبت لدينا خبر صحيح عن كيفية تشكل الملائكة ، والجان ، والشياطين ، غير أنه لا يبعد أن يكون الله تعالى قد علمهم أسماء يدعونه بها ، أو كلمات يقولونها فيتم لهم ذلك التشكل على الصورة التي يريدون ، في حدود ما أذن لهم فيه ) ( عقيدة المؤمن – ص 225 )

قال الدكتور عمر الأشقر : ( أحيانا تأتي الشياطين الإنسان لا بطريق الوسوسة ، بل تتراءى له في صورة إنسان ، وقد يسمع الصوت ولا يرى الجسم ، وقد تتشكل بصور غريبة 00 وهي أحيانا تأتي الناس وتعرفهم بأنها من الجن ، وفي بعض الأحيان تكذب في قولها فتزعم أنها من الملائكة ، وأحيانا تسمي نفسها برجال الغيب ، أو تدعي أنها من عالم الأرواح 000

وهي في كل ذلك تحدث بعض الناس ، وتخبرهم بالكلام المباشر ، أو بواسطة شخص منهم يسمى الوسيط تتلبس وتتحدث على لسانه ، وقد تكون الإجابة بواسطة الكتابة ..

وقد تقوم بأكثر من ذلك فتحمل الإنسان وتطير به في الهواء وتنقله من مكان إلى مكان ، وقد تأتي بأشياء يطلبها ، ولكنها لا تفعل هذا إلا بالضالين الذين يكفرون بالله رب الأرض والسماوات ، أو يفعلون المنكرات والموبقات .. وقد يتظاهر هؤلاء بالصلاح والتقوى ، ولكنهم في حقيقة أمرهم من أضل الناس وأفسقهم ، وقد ذكر القدامى والمحدثون من هذا شيئا كثيرا لا مجال لتكذيبه والطعن فيه لبلوغه مبلغ التواتر ) ( عالم الجن والشياطين – ص 93 )

قال الأستاذ زهير حموي : ( فأجسام الجن خفيفة رقيقة هوائية ، حيث يقولون أن أجسام الجن خفيفة ، لا يمكن رؤيتها على حقيقتها ، ويمكن للإنسان أن يراها على صورة إنسان أو بهيمة ، كالحيات ، والعقارب ، والإبل ، والبقر والغنم ، والخيل ، والطيور . وقد ورد أن الشيطان تشكل بصورة الإنسان في عدة روايات ، مرة بصورة رجل فقير ، ومرة بصورة شيخ نجدي ، ومرة بصورة سراقة بن مالك ، ومرة بصورة عبد أسود

ويبدو أن الجني إذا تمثل في صورة ، ووقع عليه نظر الإنسان فإنه لا يستطيع أن ينسلخ منها ، كما يفهم من حديث الفتى الأنصاري الذي رأى الجني في صورة حية فقتله ، ومن حديث أبي هريرة عندما كان موكلا بأموال الصدقة ، فلو كان الجني يستطيع العودة إلى أصل خلقته لما تعرض إلى القتل أو الأسر ، والله تعالى أعلم ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان – باختصار – ص 194 )

قلت : وكلام الاستاذ زهير حموي – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه – حول أجسام الجن وأنها خفيفة رقيقة هوائية فيه نظر ، فمنهج أهل السنة والجمـاعة على أن أجسام الجن قد تكون خفيفة وقد تكون كثيفة ، وهذه الماهية لا يعلم كيفيتها وكنهها إلا الله سبحانه وتعالى ، وقد ذهب المعتزلة على أن أجسام الجن خفيفة .


قال الأستاذ ولي زار بن شاهز الدين والصواب أن رؤية الجن ممكنـة ؛ بل واقعة بالفعل ، كما تدل على ذلك الآثار الصحيحة .. فلا يقال بأنها اختصت بزمان الأنبياء فقط دون غيره من الأزمنة لأن تلك النصوص لا تفيد هذا التخصيص .. وأما الآية فإنها تدل على عدم رؤيتهم على أشكالهم الحقيقية ، وأما إذا تشكلوا بأشكال أخرى يحكم فيهم قانون المادة فيمكن رؤيتهم على حالة ما تشكلوا به ) ( الجن في القرآن والسنة – ص 128 )

قال الأستاذ عبدالخالق العطار : ( أنه لا يرى الجن في صورتهم الحقيقية رحمة من الله بعباده ، وأنه لا يراهم على حقيقتهم سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، لأنهم بكمال تكوينهم الروحي أقدر على تحمل لقائهم ، ورؤيتهم على فطرتهم الأصلية . أما رؤيتهـم عندما يتشكلون بصور أخرى فإنها ممكنة وواقعة فعلا ) ( السحر والسحرة والمسحورون - ص 139 )

قال الاستاذ حمدي الدمرداش : ( وإذا تصور الجني بصورة الإنس أو الحيوان فإن قانون هذه الصورة يحكمه فهو معرض للحرق أو القتل أو الإصابة حسبما يجري له من حوادث ، ومثال ذلك العفريت الذي تفلت على النبي صلى الله عليه وسلم ليفسد عليه صلاته فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم فخنقه وأراد أن يربطه إلى سارية المسجد لولا تذكرة دعوة أخيه سليمان ) ( معجزات القرآن في علاج مس الجان – ص 50 )

قلت : والحق الذي عليه علماء الأمة وأئمتها أن الجن يتشكلون بالحيوان والطير والإنسان ، وقد ثبت بالتواتر رؤية الجني المتشكل بالولد والأب والزوج ونحوه ، وهذا ما قررته النصوص القرآنية والحديثية في أكثر من موضع ، وبناء على ذلك وحسب خبرتي العملية في هذا المجال يتبين أن تشكل الجن قد يأخذ شكلا من الأشكال التالية :

1)- التشكل بأشكال الإنسان :

وقد ذكرت بعض الروايات في ذلك ، حيث جاء الشيطان المشركين يوم بدر في صورة سراقة بن مالك ، ووعدهم بالنصر ، وفيه أنزل :

( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَكُمْ 000 )


( سورة الأنفال – الآية 48 )


ولكن عندما التقى جيش المسلمين بجيش الكفار ، وعاين الملائكة تنزل من السماء ، ولى هاربا :

( 000 فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )


( سورة الأنفال – الآية 48 )


يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله – : ( ظهور بعض الجان لبعض الناس ، ومخاطبتهم إياهم وهذا أيضاً متواتر الأخبار بحيث يعد إنكاره غباء وجهالة 0 أو مكابرة وجحوداً ، لا يرضاها العاقل لنفسه ) ( عقيدة المؤمن – ص 211 )

2)- التشكل بأشكال الحيوان :

وقد مر معنا في أكثر من موضع تشكل الجن بصورة الحيات والكلاب السود وهذا ما قررته النصوص النبوية

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيرا ، وكذلك بصورة القط الأسود ؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 52 )

قال القرطبي : ( وبلغنا في فضائل عمر بن عبدالعزيز – رضي الله عنه – مما حدثنا به أبو بكر بن طاهر الأشبيلي أن عمر بن عبدالعزيز كان يمشي بأرض فلاة ، فإذا بحية ميتة ، فكفنها بفضلة من ردائه ، ودفنها فإذا قائل يقول : يا سرق أشهد ، لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : ستموت بأرض فلاة ، فيكفِّنك ويدفنك رجل صالح ، فقال : ومن أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا من الذين استمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 ولم يبق منهم إلا أنا وسرق وهذا سرق قد مات )

وقال – رحمه الله - : ( وقد قتلت عائشة – رضي الله عنها حية رأتها في حجرتها تستمع وعائشة تقرأ ، فأتيت في المنام فقيل لها : إنك قتلت رجلاً مؤمناً من الجن الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : لو كان مؤمناً ما دخل على حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل لها : ما دخل عليك إلا وأنت متقنعة وما جاء إلا ليستمع الذكر 0 فأصبحت عائشة فزعة واشترت رقاباً فاعتقتهم ) ( الجامع لأحكام القرآن – 16 / 214 – 215 ، وقد ذكر الشبلي في كتابه " أحكام الجان " رواية " عائشة " ص ( 89 ) ، من طريق أبو الطيب أحمد بن روح عن محمد بن عبدالله بن يزيد مولى قريش ، عن عثمان بن عمر عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن أبي مليكة ، ورواية " عمر بن عبدالعزير"– ص ( 62 ) ، من طريق أبو بكر بن طاهر الأشبيلي القيسي عن أبي علي الغساني )

3)- التشكل بأشكال الطيور :

كما أشار لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، وكما ثبت ذلك تواترا ونقلا بين عامة الناس وخاصتهم 0

4)- التشكل بأشكال وحوش وهمية أو خرافية أو مسخ :

وقد ثبت ذلك تواترا بحيث أصبح يقبله العقل والنقل 


5)- التشكل ببعض الظواهر الطبيعية :

كالريح والنيران والنور ونحو ذلك ..

وتارة أخرى يتم اتصال عالم الجن بالإنس بسماع أصواتهم دون رؤيتهم ويطلق على ذلك بـ ( الهاتف ) ، وقد أوضحت هذه المسألة مفصلة في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) ، تحت عنوان ( الهواتف ) .

هذا ما تيسر لي بخصوص تشكل الجن والشياطين ، نسأل الله سبحانه أن يكفينا شرهم ونعوذ به من أذاهم ، إنه على كل شيء قدير
الموضوع منقول من أخي أبو البراء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق